التوصيات الختامية لمؤتمر الدولي الأول القرآن الكريم - بيان العربية في أكمل أطوارها.

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآلة وصحبه ومن والاه.. بعد أن وصلت أعمال المؤتمر إلى الختام، وكل الحاضرينَ والمتابعينَ والمهتمينَ يترقبونَ مس كَ الختامِ ، وثمرة التمام، عما تمخض عنه المؤتمر من نتائج، وما انتهى إليه هذا المحفل العلمي الرائع من توصيات، فقد قامت اللجنة العلمية بمتابعة الجلسات وما تبعها من محاورات مثمرة،
ومناقشات قيمة، فخرجت بعدد من التوصيات، وهي:

أولا:

تجدي دُ البحث وتطوي رُه في دراسة التراث القرآني واللغوي، وفت حُ المجا لِ واسعاً للباحثين في تقديم رؤاهم، وأفكا رِهم البناءة. من خلال الدراسات النصية والب لاغية في القرآن الكريم، التي يمكن أن تستثمر في المجامع اللغوي ةِ ، والدراسات الحديثة. والعناية ةُ بالدراسات العميقة في الأصوات القرآنيّة وأسرارها الب لاغية، والتوسع في فهم قضاياها وصورها، والعودة إلى تدبر القرآن الكريم، واستخراج ال دّرر منه، و ا لاهتما مُ بتتبعِ علاقة الأصوات بالدلالة وأثرها في تشكيل أبنيتها، شك لًا من أشكال إبراز عبقرتيها وجمالها، ورافد اً من روافد الدلالة في اللغة العربية، كما ينبغي البحث عن ضوابطَ علميةٍ تُح كِم هذا الفرع من الدلالة لإخراجه من الأحكام الذاتية إلى الموضوعية العلمية، للإسهام في تطوير العلوم وإثرائها.

ثانيا:

الحث على الإبداع والابتكار في الدرس اللساني الحديث، والاهتمام بما ألفه السابقون والاستفادة من دراساتهم والتعمق فيها من أجل الوصول إلى المزيد من النتائج، والحرص على ا لاستخدام الج يّد للمصادر الأصلية. إضافة إلى الحرص على إظهار جهود قدماء ال لّغويين والبلاغيين، فالفضل يرجع إليهم في جمع ال لّغة وتقعيدها، وكشف دقائقها، وإدراك أسرارها، ونشر روائعها، وإشاعة عظمتها.

ثالثا:

الدعوة إلى التفكر والتدبر في خصائص لغة القرآن ووجوه إعجازه، والاهتمام بتعميق دراسة الإعجاز البياني واللغوي للقرآن الكريم، يشمل جميع المستويات اللغوية، فإنه ميدا نٌ عظيم حر يٌّ أن تتسابق فيه العقول والأقلام لإبراز عظمة القرآن الكريم، وبلاغته وروعة بيانه، وجمال أسلوبه، وسبيل عظيم للحفاظ على اللغة وألفاظها.. فهناك مسائل كثيرة في الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم ، والقراءات القرآنية بحاجة إلى الجمع والترتيب وعقد المقارنات فيما بينها.

رابعا:

الاهتمام بدراسة القراءات القرآنية المتواتر منها والشاذ، من كل النواحي. فالقراءات القرآنية تعد ثروة لغوية مهمة، فهي حقل واسع من المفردات اللغوية والأشباه والنظائر أحرى أن يفرد لها بالدراسة، وهي من أهم مصادر دراسة اللهجات العربية القديمة . فينبغي بذُل الجهوِد في استنباط بيانها، وتسليط النظر على ما جاء فيها من الناحية اللغوية والتفسيرية والقرائية، والاهتمام بمزيد من الدراسات عن صلة القراءات بالتقعيد اللغوي؛ لإمكان الوصول إلى نتائًج جديدة بتظافر البحوث وتعدد جوانبها .

خامسا:

الاهتمام بالدراساِت التي تتناوُل القرآَن الكريم تناولا كلًيا، والاهتمام بدراسة أسباب الترابط والتماسك والجمال والعذوبة الرائعة التي تحّدث عنها علماُء إعجاز القرآن القدامى والمعاصرون. 

سادسا:

الاهتمام بدراسة الظواهر اللغوية المختلفة دراسًة تحليليًة عميقة، في ضوء ما ُيستجُد من مناهَج علميٍة، بحيث تتيح حلواً للإشكالات اللغوّيِة، التي تبّن علماؤنا الأوائُل واعتمد عليها الّلغويون المحدثون الغربيون فيما ُعِرف في المدرسة الّتوليدية الّتحويلية بـ: الُبنى العميقة والُبنى الّسطحية .

سابعا:

الاهتمام بدراسة المسائِل المشتركة بين العلوم الشرعية وعلوم الآلة بصفة عامة، وعلوم العربية بصفٍة خاصة، مع التمسك بخصوصية التناول لكل علم. وكذلك بالدراسات العميقة في بحث العالقة بين النحو والتفسير في الخطاب القرآني؛ إذ ال بّد من اعتماد النحو التطبيقي، آليًة دقيقة في تحقيق المعاني وتدقيقها.

ثامنا:

الاهتمام بدراسِة المعاجِم اللغوية القديمة، وبخاصة تلك التي لم تحَظ بدراساٍت وافية، والعنايُة بدراسة غريب القرآن، لتيسير فهِمه، والعنايُة بدراسِة معاني وتوجيه وإعراب القراءات في ُكتب التفسير وغيرها, وال سيما التفاسير التي لم تُقم عليها دراسات في هذا الجانب. والاهتمام بترجمة القرآن الكريم ترجمًة بيانية تفسيرية، تمِّكُن من فهم القرآن الكريم على الوجِه السليم، وكشِف النقاِب عن أسرار الإعجاز القرآني.

تاسعا:

دعوة هيئات التعليم الابتدائي إلى إدراِج مقرِر الرسم العثماني ضمن مناهج التعليِم المقررة، لما له من دوٍر كبيٍر في المحافظة على اللغة العربية، ودعوُة الباحثين خاصة في الدراسات العليا إلى الاهتمام بالدراسات التي تعنى ببيان وجوه إعجاز ظواهر الرسم القرآني، من أجل الوقوِف أكثر على دلائل و اسرار القرآن الكريم .

عاشرا:

ضرورُة إعادِة النظِر في أساليب تعليم وتعلم القرآن الكريم، وعدم الوقوف في تعليم القرآن عند مجرد التلاوة والحفظ، بل البد أن يجمع إلى ذلك الفهُم والتدبر، وأن ُيشجع المتعلمون على فهم الآيات وإدراك مقاصدها.

الحادية عشر:

ضرورُة الاعتناء بالدراساِت المصطلحيِة لألفاِظ القرآن الكريِم من قبل الهيئات المختصة والجامعات، والاعتناء بدراسة المصطلح البالغين في كتب التفسير الأولى وكتِب معاني القرآن، وفي مصادِر اللغة والنحو المتقدمة.

الثانية عشر:

ضرورُة ربِط اللغة العربية عموما والنص القرآني خصوصًا بالنحو التطبيقي بقصِد تطبيق الأحكام النحوية عليهما، وضرورُة ربط النحو بالبالغة في اللسان العربي المبين، وقراءِة أبواب النحو العربي قراءًة بالغية ، لكي يخرج من موضع السكون إلى فضاء الحركة والوظيفية .

الثالثة عشر:

العنايُة بالدراسات الحجاجي في القرآن الكريم، والكشف عن ذخائره وكنوزه في ضوء الدراسات الحديثة التي تهتم بتحليل الخطاب ولسانيات النص، والاهتمام بتطور دراسة الحجاج وتقنياته، فهي نوع من أنواع البيان القرآني، وتنِّمي القدرَة على تذوِق الخطاب القرآني، ويمكن الاشتغال على مستويات جديدة في بناء الحجاج للدفاع عن القرآن الكريم .

الرابعة عشر:

العنايُة بدراسِة الدقائِق البلاغية، التي تفَّرَد بها بعُض العلماِء في كتِب ِر التعبيِر ِر أسرا التفسيِر، فالجانُب البلاغي يحتاُج إلى مزيٍد من الجهود؛ لإظهار القرآني في القراءاِت وكتِب التفسير .

الخامسة عشر:

الكشُف عن جذوِر النظرياِت الحديثِة في التراث اللغوّي القرآني، وربُط الدراسات القديمة بالدراسات الحديثة، ومنُع تسرِب التقاطِع بين القديِم والحديِث.

السادسة عشر:

استثماُر النظرياِت الحديثِة، وال سيما نظرية السياق اللغوي وسياق الحال في بيان النص القرآني، وذلك للتمكن من معرفة كل الظروف والملابسات المحيطة به.

السابعة عشر:

استحداُث مراكَز علميٍة تعنى بالدراسات اللغويِة والقرآنيِة المتخصصة، تابعًة للجامعات، ُتعنى بالدفاِع عن القرآن الكريم ولغته، وُتعنى بتتبِع الدراساِت والمشاريِع الفكرية، التي اتخذت من القرآن المجيد مندوحًة لتأويلات عقليٍة غربية ٍ متكلفٍة، وتصدُر عن هذه المراكِز مجلات خاصة تعنى بالجوانب المفهومية الصحيحة لألفاظ وأساليب القرآن الكريم، وتدفع تلك المفاهيم
المغلوطة.

الثامنة عشر:

الحرُص على تنظيِم مثل هذه الملتقيات العلمية بشكٍّل مستمر، والاهتمام بعقد مؤتمراٍت وندواٍت لزيادة إثراء دوِر اللغِة العربيِة، وأهميتها، والتكامِل المعرفي بينها وباقي العلوم، حتى يتسنى للباحثين التثاقف في هذا المجال البحثي، كما ُيوَصى باعتماِد هذا المؤتمِر ضمن الخطة العلمية لوزارة التعليم العالي على أساس دورّي سنوي .

الالتاسعة عشر:

العمل على تحويل توصيات المؤتمر وما يسفر عنه من نتائج إلى التطبيق الحقيقي على أرض الواقع، وعدم جعله حبيس أرفق المكتبات. هذا وإن اللجنة العلمية للمؤتمر الدولي الأول لكلية اللغة العربية بجامعة السيد محمد بن علي السنوسي الإسلامية؛ تكرر شكرها لكل من ساهم معها في تحكيم الأبحاث، وقّوم ووّجه، وأثرى الجلسات، وأعان على بلوغ المرام .

التوصيات الختامية لمؤتمر الدولي الأول القرآن الكريم - بيان العربية في أكمل أطوارها.

لأن القرآن الكريم ال تنقضي عجائبه، وله عالقات كثيرة تجمع بينه


وبين اللغة العربية، منها النحوية والصرفية والبلاغية والسياقية والدالية والصوتية واللسانية، وحتى الأدبية، اهتم بها مؤتمرنا في محاوره. قضايا يصعب لملمتها في مؤتمر علمي امتد لثالثة أيام، وحسبنا أننا لفتنا الانتباه نحو هذا الدرس العربي المهم وخير دليل على أهمية هذا الدرس القرآني العربي أن المشاركين انهالوا على مؤتمرنا من العالمين العربي والإسلامي، وال يصح الحديث عن المشاركين الوطنيين، لأن الوطن يجمعنا، والارتقاء بلغة القرآن هدفنا، وما نتمناه ونطمح إليه في ختام هذا المحفل العلمي الماتع، أن تستلم رايًة هذا الدرس جامعة ليبية أخرى الاستكمال ما بدأناه، ولترميم ما قصرنا في طرحه. شرف عظيم أن نكون من أهل القرآن واللغة في آن، وأن يكون همنا الكشف عن جماليات لغتنا العربية في كتاب هللا العظيم. أيها الأحبة.. ما أروع أن تجمعنا مثل هذه المحافل العلمية التي هي جوهر مهنتنا، وأننا كلما ابتعدنا عنها تفاقمت مشاكلنا. زملائي، هلموا بنا نحو القرآن واللغة، وال تنسوا أن لغتنا تعاني، وإن كان لها من منقذ بعد هللا عز وجل فهو
عزوفا مخيفا ومقلقًا أنتم .